هنالك نزعات مختلفة بين الماسونيين، وقد يستنتج من هذا القول ان الماسونيين غير متفقين فيما بينهم على التعريف الصحيح للماسونية.

ان الماسونية تعتبر الحرية في الاعتقاد، كحق مطلق للانسان يستعمله بلا زيادة ولا نقصان، كما وانها لا تنظر الى العقيدة ولا الى جنسية اعضائها او طبقاتها الاجتماعية، وباسم الله مبدع الكون الاعظم، تعلن اعترافها بالاصل الاول للكائنات تاركة لافرادها الحرية التامة في الاعتقاد وتكييف طبيعة هذا الاصل الاول.

وهنالك ماسونيون يبيحون الابحاث الفلسفية والتاريخية والعلمية اباحة مطلقة ما دامت ابحاثهم بعيدة عن كل نزعة تحزبية ؟

والسؤال المعتاد من قبل رؤساء المحافل

من اين انت قادم ؟ وهذا السؤال لا يؤخذ بظاهره، بل يجب اعتبار معناه الخفي : فيجب على المبتدئ في الماسونية، ان يعلم اصل الانسان، ويعبّرون عن ذلك بمكان قدومه، كما يجب على الشغال ان يعلم ما هو الانسان وطبيعته، وعلى الاستاذ ان يعرف مصير الانسان ونهايته.

وهذه مسائل فلسفية علمية ودينية

ان غرض الماسونية تحسين حالة الانسان الادبية والمادية، مبدؤها الاعتراف بقوانين الرقي الانسانية وبالقواعد الفلسفية القاضية بالتسامح وبالاخاء والحرية والمساواة، دون النظر الى العقيدة المذهبية والاختلافات الوطنية، او الامتيازات الاجتماعية، وهي ليست بجماعة سرية لانها تعلن حيث تكون غير مضطهدة، قوانينها وانظمتها وميولها واعمالها واسماء اعضائها، وتاريخ ومحل اجتماعاتهم وان الرموز وتفسيرها هي الشيء الوحيد السري في الماسونية

ولا اكتم سراً اذا قلت ان هناك خلافاً في النزعة بين المحافل، ولكن الاصل واحد لا يتغير. والسبب في الخلاف، ان الماسونية وضع انساني، تابع لتطور جميع الاوضاع الانسانية، فهنالك اختلاف الطرق كما مرّ ذكره واختلاف الشروق والنتيجة لا يعلمها الا الله.

ولكن ما نعتقده، هو ان الماسونية ضرورية لنوازع المجتمع، ونعتبرها حلقة الاتصال بين القديم الجاف والحديث الثائر. فهي قائمة ما دام الناس جامدين ينظرون الى الوراء ولا يتحركون وثائرين يقفزون الى الامام قفزات متواصلة سريعة، ويمكن ان تكون خطرة على القافزين وعلى المجتمع، وانك لتدرك اثر هذه النزعات المختفلة في مؤلفات الكاهن "اوليفر"، وهي تختلف تمام الاختلاف عن نزعة فولتير الذي لا يهمه ان يعتقد بأي مذهب، ونزعة "هلفيسيوس" وهو مادي من الفلاسفة الماديين (وهي توفق كما قال اندرسون سنة ١٧۲۳) بين اخوان مختلفي الاجناس والنزعات والمذاهب، وكما ان الماسونية تجتهد ان يكون اعضاؤها رجال خير، كذلك هي تجتهد ان يكونوا عاملين مخلصين لأديانهم.

الماسونية عهد بين الامم على البر والتقدم، اساسها حب الحقيقة والعدل والاعتراف بقوانين الرقي العاملة للانسانية، ومبادئ الحرية والمساواة والاخاء، وتبادل الاحترام النفسي بين الناس وتضامنهم الاجتماعي، باحثة وراء الحقيقة من علم وفن وخلق غرضها الوصول الى الحق والخير والجمال، ونشرها بين الناس مع تحسين حالتهم الادبية والاجتماعية.

Home